Abstract
من العوامل التي تشد من شخصية الإنسان هو انتماؤه لهدف سامٍ ومنشود ، لذلك فان انتماءنا لهذا الدين العظيم جعل فينا همة البحث عن كل ما يدور حول ذلك وازددنا انتماءاً حينما وفقنا للعربية ، ان نتكلمها ونتعلمها ونعلمها ، وقد شعر سلفنا من العلماء والدارسين بهذا التوفيق ، في شتى مجالاتهم العلمية ، والشرعية ، وقد وجدت ذلك واضحاً لدى الفقهاء ، واخص منهم بالذكر كتاب الاختيار لمؤلفه عبدالله بن محمود بن مودود الموصلي (ت 683 هـ) الذي يقع في خمسة اجزاء، فجعلته مشكلة بحثي في هذا المؤتمر المبارك .ووجدت ان المصنف –رحمه الله- يستهل ابواب الفقه بعرض لغوي لمصطلحاته ، فضلا عن فروع هذه الابواب ، وابواب الفقه كثيرة ومتنوعة ، تبدأ بكتـــاب (الطهارة) وتنتهي بكتاب (الفرائض) وبين هذين البابين نلحظ اساليب مختلفة في توجيه المعاني الاصطلاحية الفقهية وتاصيلها ، عن طريق عرضها عرضا لغوياً مناسبا ، ولما كانت اللغة اداة العلوم ومنها علوم الفقه فثمة ارتباط بين هذين الجانبين ولقد توكلت على الله لغرض الكشف عن هذه العلاقة ، وجعلتها تحت عنوان (التأصيل اللغوي) للاصطلاحات الفقهية .والباحث في بطون المعاجم يجد ان هذا المصــطلح – التأصيل– ماخوذ مـن الجذر (اصل) والاصل ينبئ عن كونه اساساً لكل شيء فهو المحتاج اليه والفرع المحتاج ، والاصل ما يبدأ منه يقال اصل الانسان التراب والاصل مايبنى عليه غيره وقد افرد ابن فارس باباً اسماه ((اصول اسماء قيس عليها والحق بها غيرها)) وعلى تشعب فكرة الاصل فانه يكاد يكون المعنى الاول الذي تؤول اليه كل صورة ، هو الحكم الذي يستحقه الشيء بذاته ، وهذا ما نكاد نلمحه في مختاف الاصول والقضيا التي ترد فيها ذكر الاصل والفرع وهو – بهذا الاعتبار – يشبه ان يكون فكرة مجردة او صورة ذهنية تتمثل هي وما يتفرع عنها في تطبيقاتها المشخصة ثم إنني لم اقف عند هذا الوصف بل انتقلت الى الخطوة العملية في اثبات الاصل اللغوي للاصطلاحات الفقهية لذلك ناسبه مصطلح التاصيل فان معنى اصلته تاصيلا جعلت له اصلاً ثابتاً يبنى عليه وعنيت به هنا اثباته لغة والملاحظ ان اطلاق الاصل اشتهر عند الفقهاء على كل امر راجح يقابله امر مرجوح حقيقة او حكماً ، فمثلاً قالوا : الاصل براءة الذمة ، والاصل عدم المجاز ، والاصل كذا وكذا ، و وجدنا هذا المصطلح يرد عند الامام في اكثر من موضع في مقدمة بيان دلالة الاصطلاحات ، فمثلاً في باب الاقرار يقول : وهو في الاصل : التسكين والاثبات وفي كتاب الشهادات ايضاً ، يقول: اصل الشهادة الحضور فقسمت البحث على اربعة مباحث ضم الاول مسائل الاشتقاق وما يدور حولها في التأصيل واما المبحث الثاني فتضمن ابواب التصريف التي ذكرها المصنف واما المبحث الثالث فكان عن مصادره ونقولاته واما المبحث الرابح فتعلق بمباحث الدلالة الكاشفة للمصطلح الفقهي فضلاً عن توطئة لتوضيح مصطلح التأصيل اللغوي وخاتمة . وقد كانت عنايته بظاهرة الاشتقاق في امور منها: ان الامام يصرح بذكر الاشتقاق او ما يدل على ذلك مثل قوله : (هي في اللغة من كذا) او (هي من كذا) ونلحظ ذلك في (باب الحوالة) اذ يقول : ((وهي مشتقة من التحول بمعنى الانتقال , يقال تحول من المنزل اذا انتقل عنه ، ومنه تحويل الشيء)) وهذا ما جرى عليه اللغويون حيث يقول ابن فارس : ((والمشتق قولنا : كاتب وهو مشتق من الكتابة)). ولو انعمنا النظر في اساليب التأصيل الاشتقاقي هنا ، لتبين لنا ان الامام قد فطن الى مسالة مهمة للغاية الا وهي الاشتقاق من المعاني والمحسوسات ، فتارة يذكر ان اصل اشتقاق بعض المصطلحات يعود الى اسماء محسوسة كما في (باب الظهار) فيقول : ((وهو في اللغة مشتق من لفظ الظهر ، يقال ظاهر يظاهر ظهاراً)) قال ابن فارس : والاصل فيه كله – أي جذر ظهر – ظهر الانسان وهو خلاف بطنه)) ثم تطور هذا الاصل الحسي الى المعاني البارزة.اما فن التصريف فهو احد الاعمدة التي استند اليها الامام الموصلي في بيان المصطلح الفقهي وتاصيله ، اذ لهذا الفن اثر في العلوم بشكل عام وفي علوم الفقه بشكل خاص ، يقول ابن فارس : ((واما التصريف فان من فاته علمه فاته المعظم)) ودليل ذلك كثرة المشتغلين به يقول ابن عصفور : ((فالذي بين شرفه احتياج جميع المشتغلين باللغة العربية من نحوي ولغوي اليه ايما حاجة لأنه ميزان العربية ، الا ترى انه قد يؤخذ جزء كبير من اللغة بالقياس ولا يوصل الى ذلك الا من طريق التصريف)) ويعرف التصريف بانه : تغيير صيغة الكلمة الى صيغة اخرى وهذا التغيير لمعان مقصودة لاتحصل الا بها ولا يخفى ان هذه المعاني المقصودة من تصاريف ابنية اللغة العربية فتحت مجالاً واسعاً للافادة منها في وضع المصطلح لدى الامام الموصلي فمثلا افاد من بناء المصادر وبناء الجمع فضلا عن افادته من دلالة الاوزان الصرفية للبنى والالفاظ ، اما ابنية الجمع فيقول مثلا في (باب الايمان) وهو جمع يمين ، واليمين في اللغة القوة)).وثمة موقف للمصنف عن المصطلح في هذا الباب وهو شدة حرصه في التوقف في تاصيل المصطلح موافقة لالفاظ القرآن الكريم ، اذ يقول : ((وهي – أي المضاربة – بلغة الحجاز مقارضة ، وانما اخترنا المضاربة لموافقته نص القران ، وهو قوله تعالى واخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله أي يسافرون للتجارة)).وأما شواهده في التأصيل فأولها القرآن الكريم، يقول السيوطي : ((اما القران فكل ما ورد انه قرئ به جاز الاحتجاج به في العربية))، اذ افاد المصنف كثيرا من القران الكريم في توضيح المعاني اللغوية للمصطلحات الفقهية وذلك من خلال اساليب مختلفة منها : الاتيان بالمادة اللغوية الخاصة بالمصطلح ومن ثم الاستدلال لهذا المعنى بالآيات الشريفة ، كما في (باب البيوع) حيث يقول: (البيع في اللغة : مطلق المبادلة ، وكذالك الشراء، سواء كانت في مال او غيره ، قال الله تبارك وتعالى : ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم وامواله . وقال تعالى : اولئك الذين اشـتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة)) واما الحديث النبوي الشريف فكــان مصدرا من مصادر توثيق اللغة بعد القرآن ، فقد ((اجمع علماؤنا بكلام العرب ، والرواة لاشعارهم ، والعلماء بلغاتهم و ايامهم ومحالهم ، ان قريشا افصح العرب السنة واصفاهم لغة ، وذلك ان الله جل ثناؤه ، اختارهم من جميع العرب واصطفاهم واختار منهم نبي الرحمة محمداً . وبهذا يكون اسوة في اللغة فضلا عن كونه اسوة في الدين ، وقد تأسى المصنف بكلا الجانبين حين بين مصطلحات كثيرة ، مستدلا بالحديث كما في (باب الشركة) حيث يقول : ((الشركة : النصيب ، قال الرسول (من اعتق شركا له في عبد). أي نصيبا)) وفي باب العدة يقول: ((وهو مصدر عده يعده ، وسئل عليه الصلاة والسلام ، متى تكون القيامة ؟ قال (اذا تكاملت العدتان) أي عدة اهل الجنة وعدة اهل النار : أي عددهم)) ولا يخفى ان العدة بالضم الاستعداد والتاهب والعدة ما اعددتة من مال او سلاح او غير ذلك والجمع عدد مثل غرفه وغرف.واما كلام العرب فقد اخذ حيزا كبيراً من منهج الموصلي في تأصيل المصطلح الفقهي وذلك في مواطن كثيرة : منها (باب التيمم) فيقول : ((وهو في اللغة مطلق القصد ، قال الشاعر:ولا ادري اذا يممت ارضا اريد الخير ايهما يلينيونجد ان ابن فارس يلتمس سببا لهذه التسمية الاصطلاحية بقوله : ((قال علماؤنا : العرب تسمي بأسم الشيئ اذا كان مجاورا له ، او كان منه بسبب ، وذلك قولهم : التيمم مسح الوجه من الصعيد ، وإنما التيمم الطلب والقصد)).وفي (باب الايلاء) :يقول ((وهو في اللغة : مطلق اليمين ، قال الشاعر :قليل الالايا حافظ ليمينة وان بدرت منه الاليّة برتوفي(باب الشركة) استدل المصنف بمعنى الشركة بقول النابغة الجعدي : وشاركنا قريشا في تقاها وفي احسابها شرك العنانأي اخذنا نصيباً من التقى والحسب مثل نصيب قريش منها ، كشركة العنان لكل واحد نصيب من المال والكسب. ونجد امثلة كثيرة من الاستشهاد بالشعر في هذا المصنف. وأما مباحث الدلالة فنقصد بها المسائل المتعلقة بالمفردة الاصطلاحية من حيث وضعها للمعنى واستعمالها ، وكيفية ظهور المعنى ، ومدى التغير الحاصل للالفاظ ، من خلال تطورها في الحقب الزمانية وعلاقاتها مع النظرة الفقهية لهذه الكلمات .يلجأ الامام الموصلي في كثير من الاحيان الى الدلائل المعجمية لبيان المــصطلح ، ففي كتاب الزكاة يقول : هي في اللغة : الزيادة ، يقال : زكا المال : اذا نما وازداد ، وتستعمل بمعنى الطهارة ، يقال : زكي العرض : أي طاهره. وثمة قضية أخرى تهتم بالجانب الدلالي ألا وهو استعمال الألفاظ اللغوية في حقيقتها أو مجازها ، وغير ذلك مما يدل على احاطة واسعة لجوانب اللغة ودلالتها ، ففي كتاب النكاح ، بين انه في اللغة الضم والجمع ، واستند في ذلك الى قول المبرد عن البصريين وغلام ثعلب عن الكوفيين ، وقال : النكاح في الشرع عبارة عن ضم وجمع مخصوص وهو الوطء ، لان الزوجين حالة الوطء يجتمعان وينضم كل واحد إلى صاحبه حتى يصيران كالشخص الواحد ، وقد يستعمل في العقد مجازاً لأنه لما يؤول إلى الضم ، وانما هو حقيقة في الوطء ، واستدل على ذلك أيضاً من كلام العرب بعد الأدلة الحديثية ، يقول الشاعر الأعشى :ومنكوحـة غـير مـمهـورة وأخرى يقـال لهـا فـادهاوقال آخر :ومـن ايم قد انكحتها رماحـنا وأخرى على عم وخـال تلهفوبعد هذا البحث يظهر جلياً أصالة المصطلحات الفقهية من ناحية التأثير اللغوي .وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعينFrom the elements which strength human personality is his seeking for a high and directed goal. So, our belonging to this great religion urge us to look for anything related to that goal. Our relation to this religion increased when we succeeded in learning ,teaching and speaking Arabic Language. Our pioneers of scholars and scientists knew about this success in sciences and Islamic Laws. To me ,I noticed that obviously in our religion scientists especially whom I mentioned :Abdullah AL-Mawselly (599-683) his most famous book is "Al-Ikhtiyar "which is being taught in mosques . also it is a subject in some of the Legal College like Al-Imam Al-Aadhm College . That was the motive that pushed me to make my research in this respectful conference. Finely,the relation between idioms and Arabic Language has been revealed in this important and respectful conference.